فصل: الباب العشرون: في طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


الباب العشرون‏:‏ في طريقة النفاة فيما يجب إثباته أو نفيه من صفات الله

اتفق النفاة على أن يثبتوا لله من الصفات ما اقتضت عقولهم إثباته وأن ينفوا عنه ما اقتضت عقولهم نفيه، سواء وافق الكتاب والسنة، أم خالفهما فطريق إثبات الصفات لله أو نفيها عنه عندهم هو العقل‏.‏

ثم اختلفوا فيما لا يقتضي العقل إثباته، أو نفيه، فأكثرهم نفوه وخرجوا ما جاء منه على المجاز، وبعضهم توقف فيه وفوض علمه إلى الله مع نفي دلالته على شيء من الصفات‏.‏

وهم يزعمون أنهم وفقوا بهذه الطريقة بين الأدلة العقلية والنقلية، ولكنهم كذبوا في ذلك لأن الأدلة العقلية والنقلية متفقة على إثبات صفات الكمال لله، وكل ما جاء في الكتاب والسنة من صفات الله فإنه لا يخالف العقل، وإن كان العقل يعجز عن إدراك التفصيل في ذلك‏.‏

وقد شابه هؤلاء النفاة في طريقتهم طريقة من قال الله فيهم‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالًا بعيدًا ‏.‏ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودًا ‏.‏ فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 62‏]‏‏.‏

ووجه مشابهتهم لهم من وجوه‏:‏

الأول‏:‏ أن كل واحد من الفريقين يزعم أنه مؤمن بما أنزل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أنهم لا يقبلون كل ما جاء به‏.‏

الثاني‏:‏ أن هؤلاء النفاة إذا دعوا إلى ما جاء به الكتاب والسنة من إثبات صفات الكمال لله أعرضوا وامتنعوا، كما أن أولئك المنافقين إذا قيل لهم‏:‏ تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا‏.‏

الثالث‏:‏ أن هؤلاء النفاة لهم طواغيت يقلدونهم ويقدمونهم على ما جاءت به الرسل ويريدون أن يكون التحاكم عند النزاع إليهم لا إلى الكتاب والسنة، كما أن أولئك المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به‏.‏

الرابع‏:‏ أن هؤلاء النفاة زعموا أنهم أرادوا بطريقتهم هذه عملًا حسنًا وتوفيقًا بين العقل والسمع، كما أن أولئك المنافقين يحلفون أنهم ما أرادوا إلا إحسانًا وتوفيقًا‏.‏

وكل مبطل يتستر في باطله ويتظاهر بالحق فإنه يأتي بالدعاوى الباطلة التي يروج بها باطله، ولكن من وهبه الله علمًا، وفهمًا، وحكمة، وحسن قصد فإنه لا يلتبس عليه الباطل ولا تروج عليه الدعاوى الكاذبة‏.‏ والله المستعان‏.‏